لاشك ولا جدال فى أن أصحاب المعاشات والذين يصل عددهم الآن إلى أكثر من تسعة ملايين مستفيد يعانون أصعب الظروف، وذلك بعد قرارات الإصلاح الاقتصادى والتعويم والذى ضاعف الأسعار والتضخم إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل التعويم. والحقيقة أكثر وأكثر أن أصحاب المعاشات بالذات أصبح واقعهم وكأنهم يعيشون بين المطرقة والسندان.. والمطرقة هى وزارة التضامن ومن خلفها هيئة التأمينات الاجتماعية، والسندان هو القطاع المصرفى. فمن ناحية المطرقة كانت فاتورة الإصلاح الاقتصادى وتعويم الجنيه بالنسبة لأصحاب المعاشات أكثر من كارثة.. ورغم أن الحكومة -كرم الله وجهها- قد قررت زيادة المعاشات بنسبة ٪15 العام الماضى، إلا أن هذه الزيادة لم تكن تمثل ربع ما حدث من ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة أسعار المحروقات والطاقة والذى أثر على جميع السلع والخدمات بدرجة لم يسبق لها مثيل.. والمشكلة الحقيقية التى تعاند فيها وزارة التضامن وهيئة التأمينات هى رفضها التام بأحقية المحالين إلى المعاش بإضافة ٪80 من قيمة العلاوات الاجتماعية التى حصلوا عليها فى أثناء الخدمة وبحد أقصى 5 علاوات.. وبناء عليه فقد امتلأت أروقة المحاكم بقضايا مرفوعة ضد الهيئة من أصحاب المعاشات تطالب بضم هذه العلاوات للمعاش كأجر متغير خاصة أنه كان يتم خصم تأمينات على هذه العلاوات أيام الخدمة.. للأسف بدلا من أن يصدر قرار سياسى للحكومة بأحقية الضم.. كانت الوزارة والهيئة تصران على أن تنفذا فقط الضم لكل من حصل على حكم نهائى من المحكمة بصفة فردية، وذلك بعد ماراثون قد يصل إلى 5 سنوات فى المحاكم. الآن وقد صدر حكم نهائى من القضاء الإدارى بأحقية أصحاب المعاشات فى ضم هذه العلاوات نجد وزارة التأمينات تماطل وترفض الإقرار بالحكم.. وتصر على المناورات للطعن عليه مع أنه حق مشروع وواضح وضوح الشمس.. ولا داعى للف والدوران لعدم تنفيذ الحكم الذى قد يؤدى إلى رفع دعوى قضائية تقضى بحبس الوزير المختص لتقاعسه عن تنفيذ حكم قضائى بات والكرة الآن فى ملعب رئيس الوزراء لأن المسألة أصبحت أكبر من وزيرة التضامن ذاتها. أما من ناحية أخرى، ونحن هنا نتحدث عن «السندان» الآن وهو القطاع المصرفى، فبعد التعويم جاءت قرارات البنك المركزى برئاسة طارق عامر برفع سعر الفائدة على الجنيه إلى 20 ٪، وتلك الزيادة وكأنها كانت القشة التى يتعلق بها الغريق، وكلنا يعرف أن أصحاب المعاشات يعيشون على فوائد ودائعهم ومدخراتهم بالبنوك، والتى كانت تمثل مكافأة نهاية الخدمة لكل منهم، وكانت هذه الزيادة فى سعر الفائدة يواجه بها أصحاب المعاشات جزءا من ارتفاع الأسعار الجنونى فى السلع والخدمات وكانت تعينهم إلى حد ما فى مواجهة ظروف المعيشة. والآن وبعد انحسار موجة التضخم وتراجعها من ٪35 إلى ٪14 التى لم يواكبها أيضا أى تراجع فى أسعار السلع.. اتجه البنك المركزى إلى خفض سعر الفائدة من ٪20 إلى ٪17 ومن 16٫5 إلى ٪15 وهو إجراء اقتصادى سليم.. لكن فى الوقت نفسه هذا الانخفاض سيؤثر حتما على دخول أصحاب المعاشات الذين يعانون الأمرين سواء بتدنى معاشاتهم بعدم تطبيق حكم العلاوات الخمس.. بالإضافة إلى خفض سعر الفائدة. وللأسف هذا القرار يتضرر منه أكثر من ستة ملايين مستفيد، وقد كتب الزميل حمدى رزق الإعلامى الكبير فى موقع مبتدأ دوت كوم رسالة إلى طارق عامر يؤكد فيها أن قرار خفض سعر الفائدة يجافى البعد الاجتماعى الذى طالب به الرئيس السيسى بالنسبة لأصحاب المعاشات، وأنا أضم صوتى لصوته مهما كان مبرر السياسة الاقتصادية والمصرفية فى أن قرار خفض الفائدة ضرورى تشجيعا للاستثمار.. نعم هذه نقرة وهذه نقرة، فليس هناك صاحب معاش سيسحب أمواله من البنوك ليضعها فى وعاء استثمارى وهو قد تعدى السنين من عمره.. ولكن من المؤكد أن القطاع المصرفى يستطيع أن يساهم فى إجراءات الحماية الاجتماعية لأصحاب المعاشات بإصدار شهادات ادخارية خاصة بأصحاب المعاشات فقط وبفائدة ٪18 سنويا أى ٪1٫5 فى الشهر، ولا يسمح لغير أصحاب المعاشات أو الأرامل بالحصول عليها وهذا الإجراء ضرورى ومهم جدا حتى يتم إصلاح أحوالهم بالقانون الجديد.. وأيضا تحسبا لموجة جديدة من ارتفاع معدلات التضخم والأسعار والتى ستحدث حتما فى الفترة المقبلة بعد قرارات رفع الدعم نهائيا عن المحروقات والطاقة قبل 2018/6/30 والتى لا يعلم آثارها إلا الله.. هذا اقتراح لطارق عامر حماية لأصحاب المعاشات.. وحتى يخفف عليهم وطأة المطرقة والسندان •
تطّورت المجتمعات الغربية وتشابكت. تعقّدت العلاقات وتعدّدت فى المجتمع الواحد. وأصبحت الحكومات تبحث عن بدائل لتطبيق أسلوبها السي..