لا جدال فى أن الزيادة السكانية المضطردة، والانفجار السكانى الرهيب الذى تعانى منه مصر على مدى خمسة عقود، هو أحد أسباب تراجع وتخلف الشعب المصرى كله.. وهو أيضا سبب كل المشكلات المزمنة التى نعانى منها، حيث إنها السبب فى الفقر والبطالة.. وسوء حالة التعليم والصحة والاقتصاد.. وهى كذلك تأكل ما يتحقق على أرض الواقع من معدلات تنمية وزيادة الناتج القومى، والأسوأ والأمر أنها تلقى بأعباء ثقيلة بزيادة معدلات الاستهلاك، وبالتالى زيادة فاتورة الاستيراد التى لا مفر منها لكل السلع الأساسية التى نعتمد عليها ولا نستطيع أن نكفى احتياجاتنا الفعلية منها بإنتاجنا المحدود.. لذلك تعيش مصر أزمات اقتصادية متتالية طوال الـ50 سنة الماضية. ولقد أصاب الرئيس السيسى عين الحقيقة عندما أكد فى تصريحه الخطير فى مؤتمر الشباب أن أخطر ما يواجه مصر.. الإرهاب والزيادة السكانية.. ولكنى أزيد عليه بأن الزيادة السكانية بمعدلاتها الحالية هى أسوأ وأخطر ألف مرة من الإرهاب، لأن الأخير سيزول لا محالة، وينتهى ويندحر، لكن الزيادة السكانية ومعدلاتها غير المسبوقة هى النار التى تلتهم الأخضر واليابس على أرض مصر.. وتجعل الدولة دائما محلك سر وغير قادرة على التقدم وفتح آفاق تنمية جديدة.. والمشكلة التى نعانى منها بشدة أن معدلات هذه الزيادة تضاعفت فى السنوات العشر الأخيرة.. فبعد أن كنا نزيد مليونا فى السنة الواحدة.. أصبحنا نزيد مليونين كل سنة.. وبمتوالية عددية رهيبة.. وقد حذر السيسى من أن تعداد مصر سيصل إلى 120 مليون نسمة بحلول عام 2030.. وفى هذه الحالة لايعلم ماذا يمكن أن يحدث لهذا الشعب وأن الأمر يمكن أن يصل إلى مجاعة لا محالة! والحقيقة أننى أطالب الرئيس بأن تتحمل الدولة مسئوليتها فى هذا الصدد.. فلا يمكن أن تستمر سياسة الطبطبة وترك الأمور لمزاج الناس ورغباتهم وحرياتهم الشخصية، فالرئيس قال إن الأسر يجب أن تفكر جيدا قبل الإنجاب حتى لا تظلم أولادها.. ومن المنظور الدينى أيضا.. وشدد على أن مواجهة النمو السكانى مهمة لتوفير فرص عمل وتعليم جيد وصحة جيدة. هذا كلام جميل يضع الناس أمام مسئوليتهم، لكن كيف يمكن أن يصل إلى الناس ويقنعهم بخطورة الموقف، وعندنا معدل أمية يفوق الـ30%، نعم أكثر من 20 مليون مواطن لا يعرفون القراءة والكتابة.. هذا يعنى أن الجهل المتفشى بين الناس يجعلهم فريسة سهلة لأدعياء الدين والسلفيين ومشايخ الزوايا وحتى الأزهريين أنفسهم، ليبثوا فى الناس سمومهم بأن تحديد وتنظيم النسل وقصر الإنجاب على طفل أو اثنين ليس من الدين فى شيء.. وإن ذلك حرام لتعارضه مع الشريعة والقرآن والسنة، لذا فمن الخطورة والخطر بمكان أن نترك مسائل تراجع الزيادة السكانية فى أيدى الناس ليقرروا هم الاستجابة لذلك من عدمها.. لأننا جربنا ذلك طوال 50 عاما.. ولم ننجح سواء بأغانى حسنين ومحمدين أو غيرها.. والنتيجة هذا الانفجار السكانى الهائل. الدولة لابد أن تتدخل سريعا بمجموعة من الإجراءات الجدية والعاجلة.. والرئيس السيسى أكد فى تصريحات سابقة أن هناك مجموعة من الإجراءات ستتخذها الدولة فى هذا الصدد، وأهم هذه الإجراءات الفعلية أن تكون هناك قوانين صارمة فعلا وتنفذ على أرض الواقع، منها أن ينظم النسل بحد أقصى طفلين, وأى طفل يزيد عن الاثنين يحرم من الدعم فى كل شيء.. دعم الخبز ودعم التموين ودعم التعليم ودعم الصحة.. وغيره من أنواع الدعم.. وعلى رب الأسرة أن يتحمل مسئولية الطفل الثالث أو الرابع لا أن يحملها هو للدولة وأن يدفع التكلفة الحقيقية لما يزيد عن ذلك فى كل شيء.. ثم إن الذى يجب أن ننبه له أن زيادة معدلات النسل تكمن أكثر فى الريف والصعيد لأنهم يعتبرون الأولاد قوة اقتصادية، حيث يدخلون سوق العمل مبكرا.. ويتسربون من التعليم. كذلك يجب أن تتضمن الدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى للتركيز على هذه النقطة وأن ينزل مشايخ الأزهر.. ورهبان الكنائس إلى الناس فى القرى والنجوع لإقناعهم بضرورة تحديد وتنظيم النسل وضرورة أن تتراجع معدلات الزيادة السكانية وإلا فالانفجار قادم قادم. •
تطّورت المجتمعات الغربية وتشابكت. تعقّدت العلاقات وتعدّدت فى المجتمع الواحد. وأصبحت الحكومات تبحث عن بدائل لتطبيق أسلوبها السي..