خمس سنوات كاملة ولا حديث لصُناع السينما إلا عن استمرار عائلة السبكى فى الإنتاج السينمائى رغم الظروف التى تمر بها البلاد، كأنهم فعلوا ما لا يجب أن يفعلوه. وبغض النظر عن نوعية ما يقدمونه للجمهور. يُحسب لهم أنهم صرفوا على السينما مثلما كسبوا منها ولم يتجهوا للدراما من أجل الربح السريع.
ما يثير علامات التعجب أن الذين كانوا ينتقدون نوعية ما تقدمه عائلة السبكى أعادوا تقديم أعمالهم فى الدراما مثل أفلام «اللمبى» و«عوكل» اللذين تحولا لمسلسل «فيفا أطاطا». لديَّ قناعة تامة أن استمرار الإنتاج السينمائى مُرتبط بُصناع السينما. فهذه مهنتهم الأساسية ومُطالبين باستمراريتهم كمنتجين ومؤلفين ومُمثلين سواء كانوا نجوم شباك أو وجوهاً جديدة وهناك نوعية من الأفلام لا تحتاج ميزانيات ضخمة وفى ذات الوقت ستحقق لهم ربحا من خلال بيعها للفضائيات. وسيذكر التاريخ لهم اختراق مناطق جديدة بعيدة عن منظومة السينما التى سيطرت سنوات طويلة على الساحة، والمؤكد أن الجمهور سيتعاطى هذه النوعية من الأفلام خاصة إذا كانت هناك مُنافسة بين أكثر من فيلم فى توقيت واحد. على غرار أفلام «الشتا اللى فات» و«هرج ومرج» و«فيلا 69» و«فرش وغطا» وفتاة المصنع وغيرها سواء كانت أفلاماً مُستقلة أم لا. لكنهم للأسف نظروا تحت أقدامهم وتكاتف الجميع مع أصحاب القنوات الفضائية لهثاً خلف المكاسب الأكبر لجميع الأطراف من خلال إنتاج مُسلسلات لن يذكُرها التاريخ. وهذا يعنى أن القنوات الفضائية المصرية شريك أساسى فى انهيار صناعة السينما. وفى تصورى أن هذه القنوات كان يجب عليها لعب الدور الذى كان يلعبه كل من الوليد بن طلال «روتانا سينما» والشيخ صالح كامل صاحب شبكة «إية آر تى». اللذين خرجا من لعبة الإنتاج السينمائى بعد الأزمة العالمية الشهيرة عام 2009، كانت شركتا الوليد بن طلال والشيخ صالح تتولى شراء حقوق الأفلام قبل تنفيذها - حق بيع العروض لجميع القنوات وتغطية قنواتهم والتوزيع الخارجى سواء بالدول العربية أو غيرها تاركين لصناع الأفلام مُهمة التوزيع الداخلى فقط. • تجارب فاشلة كان لنجيب ساويرس مالك قناة «أون تى فى» محاولة أشبه بالدور الذى كانت تلعبه قنوات «الإيه آر تى» و«روتانا» لكن بآليات مُختلفة وكان الهدف منها إنتاج أفلام بميزانيات قليلة بوجوه جديدة بدلا من مُغالاة أجور نجوم الملايين وفرض سطوتهم على شركات الإنتاج، لكن التجربة لم تنجح على المستوى الفنى لأسباب لها علاقة بسوء اختيار الموضوعات، وأذكر أن هانى جرجس فوزى هو من تولى مسئولية إنتاج هذه الأفلام فى عامى 2006 و2007 تحت مظلة نجيب ساويرس ومنها «استغماية» لهيدى كرم وعمرو ممدوح وسارة بسام ونبيل عيسى والمخرج عماد البهات، و«علاقات خاصة» لأحمد فلوكس وتتيانا وآية حميدة وسمر عبدالعزيز والمخرج إيهاب لمعى، و«بلد البنات» لفرح يوسف وريم حجاب وسمى الجوينى والمخرج عمرو بيومى بخلاف فيلم واحد «ظاظا» لهانى رمزى أحد نجوم الملايين، وفى تصورى أن تجربة نجيب ساويرس كانت ستحسب له إذا وضع تصوراً أفضل لما ينتجه من أفلام لتعرض بقنواته أو قنوات الغير بعد العرض الجماهيرى. • محاولة جديدة وعودة ساويريس للإنتاج بفيلم «مولانا» الذى يصوره حاليا المُخرج مجدى أحمد على والبطولة لعمرو سعد ودرة والسيناريو والحوار لإبراهيم عيسى والمُشرف على الإنتاج محمد العدل. يؤكد أن ساويرس بدأ يختار ما ينتجه بمعايير مُختلفة عن تجاربه السينمائية السابقة. لكن علامة الاستفهام ستظل موجودة حول مسألة استمراره فى إنتاجه للأفلام من عدمه. وأعتقد أيضاً أن قانون المكسب والخسارة هو الذى سيحكم على استمراره من عدمه. خاصةً أن «قناة أون تى فى» التى يملكها قناة إخبارية لا تحتاج لأفلام تغطى بها المساحة الزمنية وفقاً لما قاله رئيس قناة «أون تى فى» إيهاب صالح الذى أكد أيضاً عدم ضرورة عرض الأفلام التى ينتجها ساويرس بقناة «أون تى فى» بل مطروح وبقوة إنشاؤه لشركة إنتاج سينمائى ليتعامل فيها مثل أى منتج سينمائى لا يملك قناة فضائية، وليس شرطا أن يعرض إعلانات لأفلامه على قناة «أون تى فى» فقد تكون «أون تى فى» ليست هى القناة الأمثل لبث إعلانات عن الأفلام التى ينتجها، وإذا أراد أن يبث إعلاناً عن أى فيلم من إنتاجه فالمؤكد أنه سيدفع ثمنه من مُنطلق أن قناة «أون تى فى» كيان مُستقل تماماً عن شركة الإنتاج السينمائى. وإذا تأملنا حال معظم القنوات الفضائية سنجد مُعظمها يواجه أزمات مادية وأحياناً أخرى تجد إحلالا وتبديلا واستغناء عن العاملين وفى غمرة هذه التخبطات تجد التناقض حاضراً بقوة من خلال الإعلان عن إنشاء قنوات جديدة تابعة للقنوات الرئيسية. ليس من بينها ما يخدم الإنتاج السينمائى بشكل أو بآخر. كل من الطرفان - المنتج السينمائى الذى حول نشاطه للإنتاج الدرامى وصاحب القناة - اتفقا بشكل غير مُعلن على قتل الإبداع السينمائى لصالح مسلسلات لن يذكرها التاريخ. •
تطّورت المجتمعات الغربية وتشابكت. تعقّدت العلاقات وتعدّدت فى المجتمع الواحد. وأصبحت الحكومات تبحث عن بدائل لتطبيق أسلوبها السي..